الأربعاء، 12 يناير 2011

ثقافة وأدب : كيف انتبه العرب لأدب الأطفال؟



(( كيف انتبه العرب لأدب الأطفال؟ ))



يتفق الدارسون على أن أدب الأطفال عرف فى المجتمعات كافة ، غير أن أشكاله تغيرت مع تغيير هذه المجتمعات ، والمثير أن البعض يرى أن نشأة هذا الأدب كانت متماثلة فى مختلف هذه المجتمعات .




   تكشف الدراسات الأكاديمية الباحثة عن مصادر آدابها الأولى والتى تدل على تنوع هذه المصادر ، كما هى الحال فى أصول الآداب الشعبية الغربية مثلا ، والتى ورثت عن العرب ، كما ورثت عن الجذور الكلاسيكية ( يونانية - رومانية ) ، ثم المسيحية ( مسيحية - يهودية ) ، كذلك حال أدب الأطفال الغربى الذى ورث عن الآداب العربية الكلاسيكية ما ورثه كما فى قصص لافونتين التى عاد العرب فأخذوا عنها ما أخذوا .

   وقد سبقت أوربا فى النوع الأدبى للتوجه نحو الأطفال ، أما فى بلاد العرب ، فمن الصعب تحديد نقطة البداية تماماً إلا مما يمكن أن نعتبره إرهاصات فى هذا المجال تجلت فى أغانى ترقيص الأطفال أو اغانى المهد lullaby والتى تنتشر فى كل اللغات ، الأمر الذى يكاد يحصرها فى بوتقة التراث الشعبى والفولكلورى ، كذلك فى القصائد التى كتب الشعراء فيها عن أولادهم راثين أو مشفقين أو شارحين امتداهم الوجودى لهم ، أما بالنسبة للقصة ، فقد عرف العرب قديما كما سائر الشعوب تراثاً شعبياً قصيصا عبر عن روح الشعب وعقله وطرق حياته ، وفكرته عن الحياة ، وشكلت القصص جانبا مهما من جوانب الأدب عندهم فى الجاهلية ، حتى إنهم فتنوا بالأساطير وروايتها وبحكايات الأبطال والمعارك والانتصارات والفروسية والتقاليد والصفات السامية التى أرادوا تكريسها فى نفوس السامعين ، وكان لقصص الجاهلية دلالات شعبية نظراً لتصويرها الدقيق للمجتمع الجاهلى بما فيه من أمور إيجابية ، كالتمسك بالقيم الأخلاقية السائدة وأمور سلبية ، كالظلم والغدر والعدوان والقسوة ، وإن كان يؤخذ عليها اهتمامها بالأبطال والملوك والشيوخ وإهمالها العامة والناس العاديين والأطفال .

   
   عندما جاء الإسلام ، " نعثر أول ما نعثر على ما جاء فى القرآن الكريم من قصص القرون السالفة ، والأنبياء مع أقوامهم ، فنرى قصة ( يوسف عليه السلام ) مع أخوته وأبيه وعزيز مصر ، تمثل القصة الفنية الكاملة " ، هذا عدا ما يحفل به القرآن الكريم من قصص تصلح أن تكتب للأطفال والناشئة بأسلوب مبسط سهل يحبب إليهم الدين ويقربهم منه ، والقرآن الكريم جاء للناس بالقصص للعبرة والتذكرة والموعظة الحسنة ، كى يستفيد السامعون من تجارب السابقين ، ويتبينوا طريق الخير فيتبعونها ، مبتعدين عن طريق الشر والتكبر والتسلط والإلحاد والوثنية والإشراك بالله ، وقد اعتمد القرآن الكريم على القصص لأنه وقت نزوله على الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - كانت القصص وروايتها فناً منتشراً بين القبائل العربية المنشرة فى أرجاء الجزيرة آنذاك وهذا ما جعل الأمهات المسلمات يحكين لأطفالهن قصص الدين الجديد وبطولات الرسول ، وازداد نشاط القصص الدينى ، وكثرت القصص التى تحكى للطفال ، فى العصر الإسلامى خصوصاً فى عهد الأمويين ، وربما كان ذلك بسبب الاهتمام العام بهذا الفن ، فقد عين الخلفاء من العصر الأموى ( 40 - 132 هجرية ) وما بعده قصصا يقصون على الناس سير الأنبياء والملوك فى المساجد ، كما عنى الخلفاء أنفسهم بالاستماع إلى التاريخ والقصص ، وفى القرن الرابع الهجرى وضعت المقامات وهى قصص أدبية قصيرة ، وفى مصر اتسع القصص منذ عهد الفاطميين ووضعت أعظم القصص العربية واطولها ، وهى قصة عنترة " ليوسف بن عبد العزيز فى عهد العزيز بالله الفاطمى ( 365 - 386 هـ ) " ، وقد نشرت فى اثنين وسبعين جزءا ، وفى أثناء الحروب الصليبية ألفت فى مصر قصص تمجد مآثر الأبطال كسيرة الظاهر بيبرس ، وقصة سيف بن ذى يزن ، والأميرة ذات المهمة ، وفيروز شاه ، وعملت مصر منذ القرن الخامس الهجرى على إتمام " ألف ليلة وليلة " حتى أوصلتها إلى صورتها الحالية قى القرن العاشر الهجرى .

(( أنواع القصة ))
    والقصة عند العرب قسمان : مترجم دخيل ، وعربى أصيل ، النوع الأول يمثله كتابا ( كليلة ودمنه ) و ( ألف ليلة وليلة ) اللذان قدما للأدب العربى والعالمى أجمل القصص المتأثرة بهذين الكتابين ، سواء من حيث استخدام الحيوان كرمز ناطق ، أو من حيث الخيال الجامح والحكايات المتداخلة ، أما النوع الثانى ، فمنه ( مقامات بديع الزمان الهمذانى ) و( مقامات الحريرى ) و ( رسالة الغفران ) للمعرى ، وهى رحلة تخيلها أبو العلا المعرى فى الجنة وفى الموقف والنار ، وقصة ( حى بن يقظان ) لابن طفيل ، حيث تلحظ جوانب نضج قصصى فى الشرح والتبرير والإقناع ، كما قدم الجاحظ قصص البخلاء وقصص الحيوان فى كتابى ( البخلاء ) و ( الحيوان ) وقدم ( قصة الكندى ) التى  اعتبرها عبد الملك مرتاض " أجمل من القصة وارقى المقامة وأطرف من الحكاية وأمتع من المقالة " ، كما اعتبر الجاحظ  " أكتب كتاب العربية إلى يومنا هذا " ومن النوع الثانى أيضا القصص الشعبى وسير الأبطال كسيرة عنترة وقصة الزير سالم وقصة بنى هلال ، وقصة الملك سيف بنى هلال وقصة الملك سيف بن ذى يزن كذلك وقائع على بن ابى طالب " رضى الله عنه " مع عتاة الجن والغيلان والكائنات الشريرة ، وغيرها ، كما كان لهم قصص على لسان الحيوان ويمكن أن يقال إجمالاً إنها كانت فطرية أسطورية تشرح ما سار بين الناس من امثال ، وإما مأخوذة من كتب العهد القديم ، وما عدا هذين ، فمتأخر عن ( كليلة ودمنة ) ومتأثر به كما فى بعض قصص الحيوان عند الجاحظ ، ولعل قراءاتنا لتراثنا تكشف لنا الكثير من القصص الممتعة التى تحقق مقومات القصة الفنية ، وما علينا إلا البحث الجاد للاكتشاف وإثبات أن المجتمع العربى الشعرى القديم   المنبثق من حضارة البادية القحة ، كان يملك فن القصة التى شكلت مصدراً من مصدرى القصة فى ألأدب العربى الحديث ، أما المصدر الثانى فغربى ترجم إلى العربية بعد الإتصال بالغرب أثر حملة نابليون لمصر ، والتى حملت معها تقنية الطباعة ، وشجعت على الترجمة بزعامة رفاعة الطهطاوى ، فحافظ إبراهيم ونجيب حداد وفرح أنطوان وغيرهم حيث شجعت الترجمة الأدباء العرب ، فيما بعد ، على التأليف فى هذا الفن متخذين من الحياة العربية موضوعاً لرواياتهم .

(( بدايات أدب الأطفال ))

   أما إذا أردنا البحث عن بدايات أدب الأطفال العربى ، فلابد لنا من العودة إلى أسباب نشوء وازدهار هذا الأدب ، وبعيداً عن حصر هذه الأسباب فى عامل واحد ، فإن الأسباب الواقعية أبعد من ذلك ، أهمها :
أ- بروز الطفل فى الساحة الثقافية العالمية ومن ضمنها العربية .
ب- انتشار التعليم .
ت- الترجمة والاقتباس .

   فإذا ما بدأنا بالعامل الأول وجدنا أن الطفل العربى برز فى الساحة الثقافية مطالباً بزاد ثقافى خاص قد يكون عامل المثاقفة Enculturatio - أى حيازة الثقافة الخاصة - قد لعب دوره فى الحث على خلق أدب يشبه ما يقدم للطفل الغربى ، تماماً كما حصل وقت ترجمت القصص الفرنسية الأولى إلى الإنجليزية فشجعت الأدباء الأنجليز على الكتابة .
   وكان انتشار التعليم من أبرز العوامل فى نشوء أدب الأطفال فى التراث العربى الحديث ، وقد ورد فى تقرير التمية البشرية الصادر عام 1996 عن هيئة الأمم المتحدة لبرنامج التمية " أن معدلات الالتحاق بالتعليم الابتدائى ( فى البلدان العربية ) تضاعفت أكثر من مرتين خلال الفترة 1960 - 1990 من 38% إلى 77% كما أن معدلات الأمية بين الكبار انخفضت من حوالى 70% عام 1967 إلى حوالى 46% عام 1992 " ، ويدل التقرير على مدى انتشار التعليم الذى يعنى حاجة الأطفال إلى أدب خارج إطار المدرسة كما هم بحاجة إلى الكتب المدرسية التى ساهم الأدباء والشعراء العرب فى تقديمها لهم مطبوعة بالطابع الوطنى التربوى الموجه فى خطوة منفصلة عن الأدب المترجم ، وسائر نحو إيجاد أدب أصيل .

   أما العامل الثالث فهو عامل الترجمة ، او عامل النقل translation الذى ساهم ويساهم فى نقل ثقافات الأمم بعضها إلى بعض فى إطار التاعون والتكامل الإنسانى المؤثر بالآخرين والمتأثر بهم ، ومنذ القديم وحتى اليوم كانت الترجمة وما زالت " حاجة حضارية ملحة تكتسب أهميتها من قوة تأثيرها فى عملية التقارب والتفاهم بين الناس فى مجتمعاتهم المتباعدة جغرافيا والمختلفة ثقافياً " ، مما يعنى أن أهميتها تنطلق من جانبين أثنين : " جانب إنسانى يتعلق بالتواصل الحاصل من خلال إنتشار الأثر المكتوب وتخطيه حدود البيئة التى أنتج فيها ليصل إلى مجتمعات أخرى حيث يلتقى قراء البلاد المختلفة على كثير من الأفكار والقيم والعلوم الإنسانية التى تقرب فيما بينهم ، وجانب اجتماعى يتعلق بالمجتمع المستقبل لهذا الأثر ، ومدى تفاعله مع مستوى تطوه الثقافى والإجتماعى وحاجته لرفع هذا المستوى وتطويره من خلال استيعاب هذه الثقافة الوافدة وتمثلها فى إطار ثقافته المحلية بما يعزز مكانتها ويحافظ على أصالتها وهويتها " ، وبصورة أكثر دقة فإن أى عمل أدبى يترجم من لغته الأصلية التى يطلق عليها علماء الترجمة تسمية ( لغة المصدر ) إلى لغة جديدة تسمى ( لغة الهدف ) ، فإنه " يغادر أدبه القومى أى أدب لغة المصدر ليستقر فى أدب قومى جديد هو أدب لغة الهدف " ، لذا توصف الترجمة بأنها " هجرة النص " .

   وليست هجرة النص ، كما يقول عبده عبود ، عملية سهلة بل معقدة ومتعددة الأبعاد ، تطرأ خلالها على النص تغيرات أسلوبية جمالية ، ودلالية ، ونصية ، تقل أو تكثر ، وذلك لأن الترجمة الأدبية ليست عملية نقل ميكانيكى لنص من لغة إلى لغة أخرى ، بل هى عملية إبداعية ، يعاد خلالها خلق النص الأدبى فى لغة جديدة وفقاً لمستند مكتوب باللغة الأصلية لذلك النص ، ويرفض عبود القول إن كل ترجمة خيانة ، ويعتبره قائما على سوء فهم لطبيعة العملية الترجمية ، دون أن ينفى أن فكرة الأمانة التامة فى الترجمة الأدبية .

(( الترجمة ... وسيلة التعارف ))
  شكلت الترجمة الخطة الأولى نحو تنبيه أدباء الأطفال العرب إلى هذا الأدب إذ نقلته من لغة المصدر إلى لغة الهدف فى محاولة لتعريف المجتمع المستقبل به ، فقد عرف العرب أدب الأطفال فى القرن التاسع عشر ، أى بعد قرن تقريباً من توجه أوربا نحو الطفل وعلى شكل بدايات بسيطة عن طريق البعثات الدراسية والعلمية التى كانت تتابع تحصيلها العلمى غى عواصم أوربا وع طريق كبار الكتاب الذين كانوا يتقنون لغة أو أكثر إضافة إلى العربية .

   وإذا كانت الترجمة عاملاً من عوامل ظهور أدب الأطفال فى التراث العربى الحديث ، فإن رجلاً مثل رفاعة الطهطاوى ( 1216 - 1290 هـ - 1801 - 1873 م ) ، عجل بظهور أدب الأطفال من خلال عمله فى حقل الترجمة إلى اللغة العربية ، وإشرافه على صحيفة ( روضة المدارس ) ، وترجمته عن الإنجليزية قصصاً بعنوان ( حكاية الأطفال ) ، فكان عمله أو عناية شبه رسمية بأدب الأطفال فى الوطن العربى ، لأنه كان مسئولاً عن التعليم فى مصر ، ولأنه أدخل قراءة القصص فى المنهاج المدرسى .

   عرف العرب ، أوائل القرن شعراً نظم فيه الشعراء خرافات لافونتين وخرافات إيسوب بالعربية ، وكان أقدم هذه الكتب كتاب ( العيون اليواقظ فى الأمثال والمواعظ ) لمحمد عثمان جلال ( 1245 - 1316 هـ = 1829 - 1898 م ) ، وكان الشاعر قد شجع من قبل رفاعة الطهطاوى الذى أعجب به فأرسله إلى مدرسة الألسن ولنبوغه وإتقانه الفرنسية التحق بالديوان الخديوى معلماً ومترجماً للفرنسية ، وظل يتدرج بعد ذلك فى أعمال الترجمة والكتابة فى دوواين الحكومة وآخر ما وليه منصب قاضى بمحكمة الاستئناف بالقاهرة ، وكتابه أول محاولة عربية تبعد الطريق أمام الكتاب لإرساء دعائم أدب الطفولة ، وهى محاولة تسبق محاولة أحمد شوقى بسنوات طويلة ، مما يحقق له الريادة الزمنية ، ووفق الشاعر وهو يترجم ( حكايات لافونتين ) إلى منظوماته الشعرية إلى تحرى دقة النقل إلى الأدب العربى ، وفى التعبير عن البيئة المصرية ، وتمثل الشخصية المصرية تمثلاً صحيحاً فى ميلها إلى البساطة والمرح وخفة الظل ، مما يعنى أن ترجمته أقرب إلى الإقتباس منها إلى الترجمة احرفية loan translation ، ومما يعنى أيضاً حريته فى الحذف والإضافة أى ما يمكن أن يطلق عليه أيضاً الترجمة الحرة Free translation .

   فى العام نفسه صدر كتاب ( آداب العرب ) لإبراهيم بك العرب المتوفى 1927م فى تسعة وتسعين قصة شعرية على غرار خرافات لافونتين أيضاً ، ولكن القصائد الشعريه فيه كانت بعيدة عن روح الفكاهة التى تميز بها جلال وشوقى ، وأقرب إلى الكتابة الوعظية التى تدور فى فلك الإتجاه التعليمى ، أو أنها كانت تنزع إلى النزعة التعليمية Didacticism .

   وبينما التزم الأب أبو هنا المخلصى ، أحد أدباء دير المخلص فى صيدا ، الترجمة الحرفية لخرافات لافونتين ، فى كتابه ( أمثال لافونتين ) ، استقى جبران النحاس فى ( تطريب العندليب ) معظم قصصه الشعرية من لافونتين أيضاً .

(( من الهراوى للكيلانى ))

   وفى الوقت الذى كان الشعراء يترجمون فيه هذه الحكايات ، كتب شعراء آخرون للنشء يعلمونهم قواعد السلوك عبر التوجه المباشر لهم ، أو عبر قص حكاية ، متأثرين بشكل أو بآخر بخطاب الطفل ، فقدم محمد الهراوى ( 1302 - 1358 هـ = 1885 - 1939 م ) عام 1923 ، منظوماته ( سمير الأطفال للبنين ) و ( سمير الأطفال للبنات ) لتتناسب مع مستويات الأطفال اللغوية والإدراكية ، كما صدرت له عام 1924 أربعة أجزاء من ( أغانى الأطفال ) ، ويعد الهراوى من أوائل من انصرفوا بجد نحو كتابة الشعر للأطفال وقد حرص على أن يخاطبهم من خلال شعره ، بلغة سهلة واضحة ومعبرة ، كما حرص على اختيار أخف الأوزان وأيسرها حفظا ، وقد معروف الرصافى ( 1294 - 1264 هـ = 1877 - 1945 م ) مقطوعات شعرية فى كراس بعنوان ( تمائم التعليم والتربية ) ، ولم يكتف الشعراء بالاستقاء من مناهل الأدب الأجنبى ، بل نظموا بعض حكايات ( ألف ليلة وليلة ) و ( كليلة ودمنة ) ، مما يوضح نشأة هذا الأدب معتمداً على الترجمة والاقتباس عن كلا التراثين الأجنبى والعربى شعراً فى البداية ، ثم ما لبث الأدباء أن ترجموا واقتبسوا النثر وقدموه للقارىء العربى ، ويعد على فكرى ( 1296 - 1372 هـ = 1879 - 1953م ) من أوائل من أهتم بأدب الأطفال وهو كثير المصنفات له منها ( السمير المهذب ) فى أربعة أجزاء ، كما اصدر ( مسامرات البنات ) ، وهو عبارة عن أشتات مجتمعات فى أدب التسلية ، وعظات دينية وأخلاقية ، وذكر خصال النساء ن ولا يعد الكتاب من كتب أدب الأطفال ، لكن كتابه ( النصح المبين فى محفوظات البنين ) ، ووصيفه ( فى تربية البنين ) ، ونظيره ( فى تربية البنات ) ، والتى أصدرها عام 1916 ، من الكتب الأولى التى ساهمت فى ميدان أدب الطفل الحديث ، وقد عرف كتاب ( تربية البنين ) بأنه كتاب صغير يهدى النشء إلى واجباتهم المدرسية والمنزلية والإجتماعية فيشبون من صغرهم على مكارم الأخلاق ومحاسن الخصال وجليل الأعمال التى يكونون بها رجالاً فى المستقبل ، نافعين لأنفسهم ووطنهم وأسرهم ، أما ( تربية البنات ) ، فكتاب لتربية البنات تربية إسلامية حقة فى أدوار حياتهن المنزلية والمدرسية والإجتماعية ، ويشمل الأناشيد الأدبية ، والحكم والأمثال الوعظية ، لتكون بها سيدة مهذبة ومديرة عاقلة وإمرأة صالحة نافعة لأمتها وأسرتها كما جاء فى نهاية ( السمير المهذب ) الجزء الرابع .

   ويعد كامل الكيلانى ( 1315 - 1379 هـ = 1897 - 1959م ) أول من كتب قصص الأطفال فى الأدب العربى الحديث ، وقد ساعده فى هذا إتقانه اللغتين الإنجليزية والفرنسية كتب للأطفال ( مجموعة قصص فكاهية ) و ( مجموعة قصص من ألف ليلة وليلة ) و ( مجموعى قصص هندية ) و ( مجموعة من أساطير العالم ) و ( مجموعة قصص علمية ) ، وكان أول ما نشر من هذه القصص ( السندباد البحرى ) سنة 1922 ، وآ خر قصة له ( نعجة الجبل ) ، وتعادل مكتبة الكيلانى فى قيمتها الفنية ودرجة الإقبال عليها من جمهور الأطفال والأدباء والآباء والأمهات ما حققته كتابات اندرسن Christian Andersen Hans فى عام ( 1805 - 1875 ) فلا الأدب الغربى ، ويؤكد خليل مطران ريادة الكيلانى فى إنشاء مكتبة الأطفال القصصية ، فيذكر : لو لم يكن للأستاذ الكيلانى إلا إنه المبتكر فى وضع ( مكتبة الأطفال ) بلسان الناطقين بالضاد فكفاه فخرا بها ، ويتميز الكيلانى بعرازة الإنتاج التى زودته بخيرة فى الكتابة وكانت سبيله إلى حقل التأليف والاستفادة من التراث العربى القديم ، كما هى حال مجموعته ( قصص عربية ) التى تضم قصصاً عن حى بن يقظان وابن جبير وعنترة ، مما يعنى أن الكيلانى استفاد من الترجمة والاقتباس للانتقال إلى حقل التأليف فى مرحلة تالية .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق