الاثنين، 10 يناير 2011

طب : الإنسان الآلى .... جراح قلب

يبدو تطور جراحة القلب المفتوح وبالأخص زرع الشرايين واضحاً وجلياً ، ولاسيما فى السنوات الأخيرة عندما تم استخدام الإنسان الآلى للقيام بهذه الجراحة .


   تجرى العمليات الجراحية على القلب الصناعى واوعيته الدموية الرئيسية بطريقتين : الأولى توقف القلب تماماً وعزله عن الدورة الدموية واستعمال القلب والرئة الصناعية لتعويض عمل القلب والرئة للمريض ، وهذه الطريقة تسمى جراحة القلب المفتوح .
   أما الطريقة الثانية وهى إجراء العمليات الجراحية على القلب واوعيته الدموية الرئيسية من دون توقف القلب ، وهى ما تسمى جراحة القلب المغلق ( القلب النابض ) .

   فالمراحل التاريخية التى مرت بها جراحة الشرايين التاجية بدأت منذ عام 1706 عندما كتب عالم التشريح الفرنسى فيوسن ، ولأول مرة عن الشرايين التى تغذى عضلة القلب فأسماها الشرايين التاجية نظراً لتوضعها على سطح القلب كتوضع التاج على رأس الملك وأسماها آخرون بالشرايين الإكليلية نظراً لأنها تشبه إكليل العروس .



   وفى عام 1946 قام الجراح أرثور فينبرج بأول محاولة جراحية فى إعادة التروية للعضلة القلبية عن طريق تحويل مسار شريان الثدى الباطن الأيسر وغرسه مباشرة فى عضلة القلب عن طريق إحداث نفق عشوائى فيها .
   ففى عام 1953 بدأت جراحة القلب المفتوح عندما قام جراح القلب جيبون فى أمريكا ولأول مرة فى العالم بإغلاق الفتحة بين الأذنيتين باستخدام القلب والرئة الصناعية ، وفى عام 1959 أجرى سونز ، ولأول مرة وبنجاح تصوير الشرايين التاجية ( القسطرة ) .
   فى عام 1967 أجرى جراح القلب فافالورو فى مستشفى كليفلاند فى أمريكا أول عملية تجسير بين أبهر القلب الصاعد والشريان التاجى المتضيق فكانت تلك الطريقة انطلاقة العلاج الجراحى لنقص التروية للعضلة القلبية ، فانتشرت هذه الطريقة فى جميع المراكز الجراحية فى العالم .

   وفى عام 1977 قام جرونزج لأول مرة بعملية توسيع الشرايين التاجية المتضيقة بواسطة النفخ بالبالون .

 
(( زراعة الشرايين ))

   إن الجراحة التقليدية لزرع الشرايين تتم بمراحل مهمة وتتجلى بفتح الصدر عمودياً وفى المنتصف وذلك بنشر عظم القص طولياً ، والمرحلة الثانية وهى تركيب أنابيب القلب الصناعى فى قلب المريض والمرحلة الثالثة توقف القلب وزرع الشرايين عليه .

ونظراً لظهور مضاعفات لهذه الطريقة بدأت بعض المراكز الجراحية بإجراء عملية الزرع من دون توقف القلب ، ومن دون إستعمال القلب الصناعى ، وهذا ما يسمى زرع الشرايين بالقلب النابض ، وأيضاً بدا البعض يتحاشى فتح الصدر بالطريقة التقليدية وبدأ فنح الصدر والوصول إلى القلب عن طريق الفراغ بين الأضلاع ، وذلك لتخفيف الشعور بالألم بعد العملية .
   بدا استعمال الإنسان الآلى فى جراحة القلب - وخاصة فى جراحة الشرايين التاجية - فى أوربا عام 1998 بعد أن أستعمل فى جراحة البطن عام 1997 .

   إن عمل الإنسان الآلى بطريقة مبسطة ومبرمجة ومحددة ويعمل كما يلى :
   يكون المريض تحت تأثير التخدير العام ، وبعد وضع الأغطية المعقمة عليه ، يقوم مساعد الإنسان الآلى بإحداث ثلاث فتحات صغيرة فى الصدر لا تتجاوز ( 105 - 2 سم ) بين الأضلاع وفى الفراغ ( 2 ، 4 ، 7 ) وإدخال كاميرا التصوير ثلاثية الأبعاد وأطراف الإنسان الآلى داخل الصدر ، يبدأ الجراح وهو فى مركز القيادة ( التحكم ) بتحريك يديه وبذلك تتحرك أطراف الإنسان الآلى تجانسياً مع حركة يدى الجراح ، يبدأ أولاُ بتسليخ شريان الثدى الباطن الأيسر عن حائط الصدر الداخلى ، وبعد أن تتم عملية التسليخ لشريان الثدى الباطن الأيسر يقوم المساعد بعمل فتحة صغيرة رابعة فى الصدر لإدخال المثبت حول المنطقة المجاورة للشريان الأمامى النازل المراد الزرع عليها ، تتم عملية زرع شريان الثدى الباطن على الشريان الأمامى النازل والقلب يعمل ( القلب النابض 9 .

   إن استعمال الإنسان الآلى فى جراحة القلب لها محاسنها مقارنة بالجراحة التقليدية ، فالألم بعد العملية يكون أخف مما لو كانت العملية التقليدية ويتسعيد المريض نشاطه بزمن قليل ( عدة ايام ) ، وندرة تعرض المريض للالتهابات الجرثومية فى الجرح ، إضافة إلى أن فتحات الصدر تكون تجميلية ( فتحات صغيرة فى الصدر ) وفقدان كمية قليلة فى الدم مقارنة بالجراحة التقليلدية ، وإن الكلفة المادية لتلك العملية أقل بكثير من الجراحة التقليلدية ذلك فى تقليل عدد أفراد الطاقم الطبى والجراحى ، أيضاً فإن إجراء عملية الزرع بواسطة الإنسان الآلى يقى من أى اهتزاز فى يدى الجراح أو أى تعب فيما لو قام الجراح مباشرة بهذا العمل .

   من خلال هذه النظرة السريعة والمراحل التى مرت بها عملية زرع الشرايين على القلب نلاحظ التطور السريع على هذا النوع من الجراحة ، وما يخبئه المستقبل لطرق أفضل فى علاج نقص الترويه للعضلة القلبية ، ففى الأفق وفى زمن قريب جداً سوف يصل العلم إلى حل جذرى لهذا النوع من العلاج وبأسلوب أقل عدوانية .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق